الرحاله الألمانى بوركاردت في الكويت 1903م

كتب يعقوب الغنيم - الوطن اليوم الرحالة الألماني بوركاردت في الكويت 1903م قل أن نتحدث عن رحلة هذا الرحالة الألماني الذي كانت رحلة واسعة وكان ضمنها الكويت،...

أبوسيف

منسق العلاج في تايلاند
طاقم الإدارة
المدير العام
الرحاله الألمانى بوركاردت في الكويت 1903م
كتب يعقوب الغنيم - الوطن اليوم
الرحالة الألماني بوركاردت في الكويت 1903م

قل أن نتحدث عن رحلة هذا الرحالة الألماني الذي كانت رحلة واسعة وكان ضمنها الكويت، ينبغي أن نقدم اطلالة على الأوضاع هنا سنة 1903م.

كانت هذه السنة هي السابعة منذ تولي الشيخ مبارك الصباح حكم البلاد، وكانت البلاد قريبة العهد بمعركة كبيرة تضررت منها كثيرا وعلى الأخص من الناحية المعنوية وهي معركة الصريف (1901/3/17م) ولكن الأمور بدت في سنة 1903م وهي تسير في وتيرة شبه معتادة لا يكدرها إلا بعض المناوشات التي جرت العادة أن تقوم هنا أو هناك على حدود الكويت، ولكن الاستعداد للحماية كان جيدا، وعنصر صد العدوان كان قويا، ولقد ذكر أن هذه السنة شهدت اقامة مستمرة للشيخ مبارك في عاصمة البلاد، وشهدت مرابطة ابنه الشيخ جابر المبارك مع جيشه في الجهراء تحسبا لأي طارئ قد يحدث.

كانت الاتفاقية الخاصة بالحماية قد أبرمت بين الكويت وبريطانيا ولكنها كانت سرية إلى هذه السنة، ولكن الأحداث التي ورد ذكرها هنا دفعت ببريطانيا إلى اعلانها فقد صرح اللورد لانزدون في مجلس اللوردات البريطاني بأن الكويت تحت حماية بريطانيا وقد تم هذا التصريح في هذه السنة التي نتحدث عما حدث خلالها (1903م).

وكان هذا وزير خارجية بريطانيا - آنذاك - وله مواقف جيدة ضد تدخل العثمانيين في شؤون الكويت.

وقد تزامن هذا الحدث الخاص بالاعلان عن الاتفاقية مع افتتاح الوكالة السياسية البريطانية في الكويت تطبيقاً لما أشرنا اليه انفاً.

هذا وقد شهدت هذه السنة - أيضا - عدة أنشطة تتعلق بزيارات رسمية، ومباحثات ذات جدوى طيبة عادت على البلاد بالنفع، وعززت موقفها.

ومن أهم تلك الزيارة، زيارة قام بها حاكم الهند البريطاني اللورد كيرزون، بدأت في اليوم الثامن والعشرين من شهر نوفمبر لسنة 1903م. وكان اهتمام الشيخ مبارك الصباح بهذه الزيارة كبيرا، أعد لها برنامجا مليئاً بالاحتفالات المبهجة المعبرة عن تقديره لهذا الضيف الكبير، وكانت له معه مباحثات مهمة (انظر تفصيلا واسعا حول هذه الزيارة في كتابنا: ملامح من تاريخ الكويت).

وفي اليوم السادس من شهر مايو للسنة نفسها، وصل إلى الكويت شخص فرنسي يدعى كوكي مع مرافق له، وقد حلا ضيفين على الشيخ مبارك، وقام الفرنسي بتقديم هدية إلى الشيخ هي عبارة عن بندقية من نوع الشوزن، وقد عقد الرجلان صفقة سلاح لصالح الكويت مع الشيخ.

وفي كتاب بعنوان «أخبار الكويت» ضم رسائل الوكيل الاخباري لبريطانيا في الكويت سنة 1899م حتى سنة 1904م. وهو الكتاب الذي حرره وقدم له أخي الأستاذ الدكتور عبدالله يوسف الغنيم، ونشره مركز البحوث والدراسات الكويتية في سنة 2007م نجد خبرا من احداث سنة 1903م هو بحسب النص: «وصلت إلى الكويت سفينتان حربيتان احداهما روسية وأخرى فرنسية، وصلتا بعد 5 ساعات من شروق الشمس في 5 شهر ذي الحجة، وبعد وصولهما بساعة نزل رجلان من السفينة الحربية الروسية ليزورا الشيخ مبارك، وكان الرجلان من الجنسية الفارسية وهما حاجي عبد الرضا وحاجي احمد، وقد ابلغا الشيخ مبارك ان القنصل الروسي سوف ينزل من السفينة في اليوم التالي، وسيتناول الغذاء معه (مع مبارك)، كما اخبرا الشيخ مبارك كذلك ان القنصل رغب في ان يقوم الشيخ صباح بزيارة السفينة ومشاهدتها وبناء على ذلك فإن الشيخ مبارك والشيخ صباح اصطحبا 10 رجال في هذه الزيارة، وفي يوم 6 من شهر ذي الحجة، نزل القنصل الروسي وفي معيته قائد السفينة، بالإضافة إلى قائد السفينة الفرنسية واثنين من ضباطها إلى الشاطئ وزاروا الشيخ مبارك الذي استقبلهم بحفاوة وأدب».

كانت الرسالة المتضمنة لهذا الخبر قد كتبت في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة لسنة 1320هـ الموافق لليوم الثامن من شهر مارس لسنة 1903م.

في هذه الفترة جاء إلى الكويت رجل من السواح، ولكنه هذه المرة ألماني، ذلك لأن غالبية زوار الكويت كانوا من البريطانيين، وبخاصة في تلك الفترة البعيدة من الزمن. هذا السائح هو هيرمن بير كاردت الذي زار المنطقة كلها وعرَّج على الكويت في سنة 1903م.

كانت زيارة هذا الرحالة والمستكشف الألماني إلى الكويت في آخر شهر من السنة التي ذكرناها، وهو رجل ينتمي إلى أسرة تعمل بالتجارة على نطاق واسع، ولذا فهي واسعة الثراء. وبسبب ذلك فقد كان يمتلك الوسائل التي تساعده على القيام برحلات عديدة وطويلة يخترق خلالها مسافات شاسعة، وكان غالبا ما يحل في اقاليم لم يرها احد من المستكشفين قبله.

كان هيرمان بو كاردت قد عمل مع والده في التجارة لعدة سنوات، وعلى الرغم من نجاحه فيها فإنه لم يكن راضيا عن عمله هذا، إذ كانت لديه تطلعات إلى الرحلات والاستكشافات، وكان يرغب في زيارة أكبر عدد ممكن من البلدان وعلى الأخص البلدان العربية، في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وقد تنبه في هذه الفترة إلى شعور خاص يدفعه إلى طلب المزيد من المعرفة بالشرق الإسلامي.

وكان خلال هذه الفترة مستجيبا لرغبات والده في الاستمرار بالعمل التجاري، ولكن هذا الوضع تغير في سنة 1890م حين توفي الوالد، ووجد نفسه حرا قادرا على التصرف وفق رغباته الخاصة، ووجد السبيل مفتوحا أمامه لكي ينفذ ما تهفو إليه نفسه من إنطلاق نحو البلدان التي كان يفكر كثيرا في زيارتها. وحتى يتهيأ لذلك فإنه التحق بالمعهد الشرقي في برلين وبقي فيه إلى سنة 1892م حيث تركه بعد أن حظي بكل ما يحتاج إليه من معلومات واستطاع أن يحمل معه دراية جيدة باللغة العربية، والعلم بالمأثورات الخاصة بالمناطق العربية التي يرغب في زيارتها.

كانت أولى رحلاته إلى دمشق التي أصبحت هي قاعدة رحلاته كلها. ومنها اطلع على ما يحتاج إليه من معرفة بسورية وما حولها واستمر متنقلا إلى بلاد ما بين النهرين، وبلاد فارس والجزيرة العربية، ودول الخليج العربي في سنة 1903م وسنة 1904م، وبذل أموالا كثيرة في سبيل تحقيق كل تلك الرحلات، وكان متقنا لفن التصوير مهتماً باقتناء أدواته، ولم يكن يمر بمنطقة إلا ويُصَوِّر مايلفت نظره فيها من مبان وأشخاص ومناظر طبيعية وغيرها.

ولم يتوقف عند رحلته الأخيرة في سنة 1904م، ولكنه واصل بعد فترة قصيرة طريقه في الترحال حتى وصل إلى اليمن الذي لقي فيه حتفه، فقد تم اغتياله في سنة 1909م، ومضى تاركا مقدارا كبيرا من الصور التي سجل رحلاته ومشاهداته فيها، وتاركا كتابا جامعا ألفه مثبتا فيه نتائج تلك الرحلات مع وصف لكل خطوة خطاها فيها، وقد ألف هذا الكتاب باللغة الألمانية، ثم ترجم إلى اللغة الانجليزية وطبع في عدة طبعات ولايزال متداولاً بين الناس وبخاصة منهم الذين يهوون قراءة أدب الرحلات.

تهمنا هنا رحلة هيرمان بير كاردت إلى الكويت التي جاءها في سنة 1903م، وكانت هذه جزءاً من زيارته للجزء الشرقي من جزيرة العرب، وهي رحلة أطل بها على هذه الجزيرة من مدينة البصرة، وسار فيها منتهيا الى مدينة مسقط، وواتته الفرصة لمشاهدة ساحل الخليج العربي بأكمله، ولم يكن يأبه بأية متاعب يتكبدها جراء الأساليب التي يتبعها في أسفاره، فقد سافر بواسطة قارب محلي تاركا سفن الخط الملاحي التجارية التي سوف يجد فيها راحته، ولكن رغبته في أن يرى كل شيء على طبيعته، وأن يلاحظ حياة الناس الذين يعملون على متن القارب كانت من أهم أسباب حرصه على تجشٌّم الصعاب، واستعمال هذه الوسيلة الصعبة حتى يكون أقرب إلى الواقع، وحتى يعايش الحقائق الإنسانية.

وقد وصل إلى الكويت على سفينة من نوع (البوم) وحل بها في اليوم الحادي عشر من شهر ديسمبر للسنة التي ذكرناها، وذهب - حالا - إلى الشيخ مبارك الصباح لزيارته وتقديم التحية إليه، وكان ذلك في مجلس الشيخ الذي اعتاد أن يستقبل فيه الناس في وسط السوق، وهو المقر المعروف حتى الآن باسم كشك مبارك الصباح الذي لم يمنعنا الحياء من إهماله وبيع الفلافل والسمبوسك فيه.

استقبل الشيخ مبارك هذا الزائر الغريب ورحب به بشكل جيد، ووكل به أحد الأشخاص لكي يرافقه في جولاته داخل المدينة، وقد أسعد كل ذلك هيرمان بيركاردت، وأحس منذ اللحظة الأولى بأن رحلته إلى الكويت ناجحة بمعنى الكلمة.

ولم يكتف الشيخ بذلك بل استضاف الرجل القادم إليه من بلاد بعيدة وخصص له غرفة مريحة واسعة في قصره، وأمر جميع العاملين لديه بتقديم كل احترام وتقدير لهذا الضيف الذي لاحظ الاهتمام الكبير الذي عومل به من قبل هؤلاء.

وكان له لقاء آخر مع الشيخ مبارك فيما بعد ظهر اليوم نفسه، وخلال هذا اللقاء تحدث الشيخ إلى ضيفه عن الزيارة التي قام بها اللورد كيرزون إلى الكويت، كما تحدث إليه عن زيارة ثلاثة رجال من الألمان قدموا إليه من أجل بحث موضوع سكة الحديد، وقد سبق لنا أن تحدثنا عن هذا الأمر في عدد من المقالات، بالإضافة إلى ماورد في كتابنا: «كاظمة في الأدب والتاريخ».

هذا وسوف نعود إلى تفصيل لما شاهده في العاصمة التي جال فيها عدة جولات مراقبا ومدققا ومصورا، وكانت ملاحظته الأولى لغرفة الاستقبال التي يستغلها الشيخ مبارك لملاقاة ضيوفه، وقد ذكر بير كاردت أنها مؤثثة على النظام الأوروبي قائلا إن الأثاث والستائر والسجاد كلها مستوردة، وموجودة في هذه الغرفة بنظام بديع يدل على الذوق الذي يتمتع به الشيخ ويجب أن يظهر أثره دائما للقادمين إليه. أما أول صورة التقطها صاحبنا في الكويت فهي صورة الشيخ مبارك الصباح التي يجدها القارئ مع هذا المقال وله فوق هذا عدد كبير من الصور، فقد كان التصوير هواية له كالرحلات، وكان يشبع هواياته وينفق عليها دون حساب، وبغير تردد، تدل على ذلك هذه الرحلات المتعددة وما يبذله خلالها من أموال، كما تدل عليه كمية الصور التي تركها وراءه، وأكثرها أصبحت الآن ذات أهمية قصوى، وعلى الأخص ما يتعلق منها بالكويت لأنها هي التي تهمنا أكثر من غيرها.

وعلى الرغم من أن هذا الرحَّال لم يكن يقصد من وراء قيامه برحلته التي أوصلته إلى الكويت أية نوايا سياسية أو اقتصادية، فإن الشيخ مبارك أثار معه بعض هذه القضايا كما رأينا قبل قليل عند حديثه لبير كاردت عن المشروع الألماني لسكة الحديد وعن الأشخاص الذين زاروه في الكويت من أجل هذا المشروع الذي يزمعون إقامته بحيث ينتهي عند سيف كاظمة. وكان تعليق الرحّال على الحديث أن الشيخ رجل لديه معلومات جيدة على غير العادة، لقد كان الرجل يظن - خطأ - أن الشيخ غير ملم بكثير من الأمور التي تحدَّث له عنها.

صور بيركاردت أمورا كثيرة في الكويت، ومن ذلك أنه صور سوق الفحم، وكان الفحم النباتي والمياه والتمر تجلب من ميناء المدينة على الحمير والجمال للبيع، وكنت تشاهد أنثى الجمل ووليدها واقف بجانبها، لا تزال موسوقة، وهناك عدد من الحمير يحملون قرب الماء البراقة بسبب الماء الراشح منها، ويباع الفحم النباتي في سلال مجدولة من جريد النخيل (ذبلان)، ويستورد الفحم النباتي ومياه الشرب للحاجة إليهما في كل بيت، فلقد كانا سلعتين أساسيتين، وكان الرجال يشترونهما يوميا، كما لو كان واجبا مدرسيا، ولذلك لم نكن نرى النساء كثيرا والصور دليل على ذلك. كان هذا جزءا من حديثه.

ثم تحدث صاحبنا قائلا:

«وصلنا إلى الكويت في اليوم الحادي عشر من شهر ديسمبر وكان لزاما علينا، أن نستقل قاربا صغيرا وبعد ذلك يحملنا الحمارة لمسافة ما حتى نصل إلى الساحل، وقمت بزيارة الشيخ مبارك مباشرة الذي كان يعقد مجلسه في ذلك الوقت في السوق، وقدمت له خطاب توصية من حاكم البصرة، وكان الخطاب موجها بأسلوب رسمي حيث دعا الشيخ «باشا الكويت» وقد استقبلني مبارك استقبالا وديا وأمر واحدا من أتباعه أن يصطحبني في جولة في المدينة وعندما رجعت بعد فترة إلى قصر الشيخ الفسيح الرحب والذي يشمل عددا من المباني، تم إعداد حجرة لي وزودت بفراش وبياضات «ملاءات» كما وجدت كذلك فوطا وصابونا ألمانيا، ورغم أننا كنا في شهر رمضان - شهر الصوم - فقد تناولت وجباتي بانتظام لأنني غير مسلم».

ويواصل حديثه قائلا: «حضر الشيخ بعد الظهر وطلب مني أن اتبعه، وجلس الشيخ على مقعد في حجرة واسعة مؤثثة بالأثاث الأوروبي، وعلقت صورتا الملكة فيكتوريا والأمير إدوارد وتطرق حديثنا- مرة أخرى- إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها اللورد كيرزون نائب الملك في الهند، والذي يطلقون عليه في البصرة «حاكم كلكتا».

وعندما ذكرت للشيخ أن اللورد كيرزون (نائب الملك في الهند من 1898 وحتى 1905م) ليس حاكما على كلكتا فقط ولكنه حاكم لكل الهند ويحكم أكثر من 300 مليون نسمة بدت على الشيخ الدهشة وكرر «300 مليون!».

ويضيف قائلا: «وقد بدا مبارك شخصيته رائعة، لديها الكثير من المعلومات بالنسبة لرجل شرقي، وكان هو الشخص الوحيد- من الشيوخ الذين عرفتهم في رحلتي- يمتلك مواصفات الحاكم».

تحدث صاحبنا عن مشاهداته في الكويت ووصف كثيرا من الأمور التي لاحظها بصفته شخصا يُطل على البلاد من مكان بعيد يختلف في طبيعته وطبيعة أهله عما هو في بلادنا، فقال:

«الكويت مدينة ممتدة ويسكنها- بكل تأكيد- 30 ألف نسمة، وشوارعها نظيفة، وكما لاحظت فإن الشوارع تكنس بانتظام وترش بالماء في الصباح الباكر، ويعاين الشيخ المدينة عدة مرات يوميا راكبا عربته أو ممتطيا صهوة جواده، يقال إن الأمن فيها كامل ومستتب.

المناخ في الكويت حار فعلا، ولا بد من تدبير الماء الذي كان أحد السلع التجارية، وكان لابد من استيراد الحبوب وفي المقابل كان يتم تصدير الصوف وشحم الغنم وجلود الحيوانات، كما كان صيد اللؤلؤ وبناء السفن والملاحة وشحن السلع بالسفن من المهن الرئيسة للسكان.

وترسو السفن الصغيرة في خليج كاظمة لحمايتها من الرياح (يقصد في جون الكويت) ويوجد مكتب لشركة بواخر الهند البريطانية البحرية التي تصل بواخرها إلى الكويت كل 14 يوما، وترسو على بعد 5 أميال انجليزية تقريبا خارج الميناء».

أمضى هيرمان بيركاردت أربعة أيام في الكويت متمتعا بضيافة الشيخ مبارك الصباح متنقلا بكل حرية من مكان إلى آخر في هذه البلاد التي أحبها وأعجب بشيخها.

ولعل من أهم الملاحظات التي ذكرها ونعتز اليوم بوجودها ما قاله عن النظافة التي تتمتع بها الكويت في ذلك الوقت البعيد، وقوله إن الشوارع تكنس بانتظام وترش بالماء في الصباح الباكر، وإذا لاحظنا أن دائرة بلدية الكويت لم تباشر عملها إلا في سنة 1930م وجدنا أن هذا العمل الجليل الذي صار من مهمات جهاز البلدية فيما بعد ذو دلالة على النزعة الخاصة بحب النظافة والعناية بالبيئة في ذلك الوقت، وهذا ما يجعلنا نتساءل: أليس لهذا العمل جهاز متخصص يقوم به ويتابعه؟ لا شك في أن ذلك موجود ولو لم يكن موجودا لما حصل الانتظام الذي أشار إليه الرجل ولكننا للأسف الشديد لم نعثر حتى الآن على شيء مكتوب يدلنا على طبيعة الأجهزة الحكومية في زمن الشيخ مبارك الصباح وهي الأجهزة التي نظن أن جهاز النظافة المشرف على العمل الذي وصفه هذا الرجل إنما هو جهاز من ضمن أجهزة حكومية أخرى.



وأخيرا جاء وقت الرحيل الذي تحدث عنه بيركاردت بقوله: «ودَّعت الشيخ يوم 14 ديسمبر، وركبت السفينة مرة أخرى، وانضم إلينا عدد أخر من البحارة وأرادوا أن يقوموا بالعمل نظير سفرهم إلى البحرين، وكانت الحياة على ظهر السفينة كالتالي:

-1 عندما يبزغ الفجر ينطلق صوت المؤذن مناديا للصلاة:

الله أكبر

حي على الصلاة

الصلاة خير من النوم

-2 يتوضأ الجميع ويقومون بأداء الصلاة.

-3 يجري الوضوء والصلاة خمس مرات في اليوم.

-4 إذا كان الجو مناسبا والرياح مواتية، يقضون بقية الوقت في شرب القهوة، ورتق الملابس والأشرعة ويبحثون عن الهوام والحيوانات الضارة.

-5 إذا كان الجو عاصفا، يقومون بالإبحار، وطرح مياه البحر من السفينة».

***

هذه هي رحلة هيرمان بيركاردت إلى الكويت وهي الجزء الثاني الذي يهمنا من رحلته الكبرى، وقد وجدنا فيها بعض الملامح المهمة عن الكويت في بداية القرن العشرين، وهي ملامح تضاف إلى ما تجمع في أوراقنا عن الكويت، وتاريخها الذي غاب عنَّا الكثير من أنبائه.
 
توقيعي
تايلند أدفايزور - التنسيق الطبي لمستشفيات تايلاند مجانا

تواصل معنا على واتس أب - لاين - فايبر - إيمو - تانقو : 0066864036343

المواضيع المتشابهة

أعلى