الغرائز والميول العاطفية والجنسية بين الرجل والمرأة

بسم الله الرحمن الرحيم إن الغرائز والميول العاطفية والجنسية بين الرجل والمرأة هي شيء فطري يمكن ضبطه ولا يمكن كبته. وإن الاسلام أمرنا بضبط هذه الغرائز...

احلي كلمة

عضو
مسجل بالموقع
الغرائز والميول العاطفية والجنسية بين الرجل والمرأة
بسم الله الرحمن الرحيم


إن الغرائز والميول العاطفية والجنسية بين الرجل والمرأة هي شيء فطري يمكن ضبطه ولا يمكن كبته. وإن الاسلام أمرنا بضبط هذه الغرائز وليس بكبتها وانما بتصريفها بنظام أخلاقي وشرعي هو الزواج .
وهذه الميول والغرائز لن تتغير ولن تتبدل على مرّ الأيام والعصور فهم جميعا ممن اودع الله فيهم هذه الفطرة وهذه الغريزة وهذا الميل المتبادل الذي فيه سر بقاء النسل البشري وتواصله؛ وليس لتكون هي غريزة ثائرة متأججة مجنونة لا يضبطها ضابط ولا ينظمها شرع ولا قانون ولا عرف ولا أخلاق، فيصبح الإنسان فيها والحيوان سواء..
قال الله تعالى : ( زين للناس حب الشهوات من النساء..) آل عمران- 14
مما يدل على أن شهوات النساء مزينة للناس ومغوية لهم، وقوله تعالى -من النساء- بدأ بهن لكثرة تشوف النفوس اليهن.
وقال صلى الله عليه وسلم :” ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء”.
قال الامام القرطبي في تفسير الآية :” ففتنة النساء أشد من جميع الأشياء ، ويقال في النساء فتنتان وفي الأولاد فتنة واحدة، فأما اللتان في النساء فأحدهما: أن تؤدي الى قطع الرحم لأن المرأة تأمر زوجها بقطعه عن الأمهات والأولاد، والثانية: يبتلى بجمع المال من الحلال والحرام لأجلها.
وأما البنون فإن الفتنة واحدة وهو ما ابتلي بجمع المال لأجلهم”.
ولعل سائلا يسأل عن تلك الجاذبية التي أودعها الله في الرجال والنساء تجاه بعضهم البعض والتي يهذبها الاسلام ولا يكبتها ولا يتنكر لوجودها.
والسؤال الآن عمن يتحمل مسؤولية هذه الجاذبية التي اذا ما تمت الاستجابة لها بغير الضوابط الشرعية فإنها ولا شك تقود الى المحظور والحرام وفي الحياة اليومية أمثلة وشواهد أكثر من أن تحصى.
ولمعرفة الجواب الشافي فإنني أنقل بعض فقرات المناظرة الجميلة التي دارت بين العين والقلب حيث يتهم كل منهما الآخر بأنه هو السبب وهو المبتدىء بتأجيج نار الغريزة ويكون الحَكَم في النهاية هو الكبد.
هذه المناظرة الطريفة أوردها شيخ الاسلام ابن قيم الجوزية ، كما كانت العين رائدا والقلب باعثا وطالبا وهذه لها لذة الرؤية وهذا له لذة الظفر كانا في الهوى شريكي عنان، ولما وقعا في العناء واشتركا في البلاء اقبل كل منهما يلوم صاحبه ويعاتبه:
فقال القلب للعين:
أنت التي سقتني إلى موارد المهلكات وأوقعتني في الحسرات بمتابعتك اللحظات ونزهت طرفك في تلك الرياض وطلبت الشفاء من الحدق المراض وخالفت قول أحكم الحاكمين ( قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم) وقول رسوله صلى الله عليه وسلم : “النظرة الى المرأة سهم مسموم من سهام إبليس فمن تركه من خوف الله عز وجل أثابه الله ايمانا يجد حلاوته في قلبه” فمن الملوم سوى من رمى صاحبه بالسهم المسموم؟ أو ماعلمت أنه ليس شيء أضر على الانسان من العين واللسان فما هلك أكثر من هلك الا بسببهما .. فمن أحب أن يحيا سعيدا أو يعيش حميدا فليغض من عنان طرفه ولسانه ليسلم من الضرر أو ما علمت وسمعت قول العقلاء :” من سرح ناظره أتعب خاطره، ومن كثرت لحظاته دامت حسراته وضاعت عليه اوقاته وفاضت عبراته .
فقالت العين:
ظلمتني أولاً وآخراً وبؤت بإثمي باطنا وظاهرا وما أنا الا رسولك الداعي إليك ورائدك الدال عليك، فأنت الملك المطاع ونحن الجنود والاتباع، أركبتني في حاجتك خيل البريد ثم أقبلت علي بالتهديد والوعيد، فلو أمرتني أن أغلق علي بابي وأرخي علي حجابي لسمعت وأطعت، ولما رعيت في الحمى ورتعت، أرسلتني الى صيد قد نصبت لك حبائله وأشراكه واستدارت حولك فخاخه وشباكه، فغدوت أسيرا بعد أن كنت أميرا وأصبحت مملوكا بعد أن كنت مليكا.

هذا وقد حكم لي عليك سيد الأنام وأعدل الحكام عليه الصلاة والسلام حيث يقول :” إن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب”.
ثم أما علمت أن الله سبحانه قد خص بالفوز والنعيم من أتاه بقلب سليم أي سليم مما سواه، ليس فيه غير حبه واتباع رضاه .
ثم اتبعت العين وقالت: وبين ذنبي وذنبك عند الناس كما بين عماي وعماك في القياس.
وقد قال من بيده أزمة الأمور (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) الحج-46.
قال الشاعر:
فو الله ما ادري نفسي ألومها على الحب أم عيني المشومة أم قلبي
فإن لمت قلبي قال لي العين ابصرت وإن لمت عيني قالت الذنب للقلب
فعيني وقلبي قد تقاسمتما دمي فيا رب كن عونا على العين والقلب
مثلكما مثل مقعد بصير وأعمى يمشي دخلا بستانا فقال المقعد للأعمى: أنا أرى ما فيه من الثمار ولكن لا أستطيع القيام وقال الأعمى: أنا أستطيع القيام ولكن لا أبصر شيئا فقال له المقعد: تعال فاحملني فأنت تمشي وأنا أتناول فعلى من تكون العقوبة؟.
فمهما اختلف الزمان وتغير المكان فيظل الانسان هو الانسان لا فارق بين الاناث والذكران، فقد أودع الله في كل منهما الغريزة والميلان، ان هما ضبطاها وهذباها كانا كملائكة الرحمن، وان أطلقا لها العنان كانا أسوأ من الشيطان، ومصيرهما النيران ، فلا تقل هي ولا تقولي هو بل قولا كما قال آدم وحواء ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين).
 
أعلى